-A +A
حسين هزازي (جدة) h_hzazi@
أحيانا.. هل تأتي بحركات غير إرادية بشكل متكرر، مثل تحريك عضلات الوجه، غمض العينين، السعال، تطهير الحلق إو إخراج اللسان أثناء الحديث مع الآخرين؟

يبدو أنك مصاب بمتلازمة «توريت»؛ وهي جزء من مجموعة من اضطرابات تشنجات لا إرادية، تشمل الحركات المؤقتة، والعابرة، والمزمنة، وهي خلل عصبي وراثي يظهر منذ الطفولة وتبدو أعراضه على شكل حركات عصبية لا إرادية متلازمة يصحبها متلازمات صوتية متكررة، ويمكن قمع هذه التشنجات التي تزداد وقد تتضاءل بشكل مؤقت، وعادة ما يسبقها إحساس غير مرغوب في العضلات المتأثرة. وطبقا للدراسات فإن 1٪ من الأطفال والمراهقين في سن المدرسة لديهم متلازمة «توريت» ويصحبها في العادة ألفاظ غير لائقة تخرج بصورة غير متعمدة. ووفقا للدراسة، فإن لا أسباب دقيقة معروفة عن المتلازمة، ويعتقد أنها تنطوي على مجموعة من العوامل الجينية والبيئية، ولا توجد اختبارات محددة لتشخيص «توريت»، ولا يتم تحديدها بشكل صحيح دائماً، لأن معظم الحالات معتدلة، وتقل شدة التشنجات اللا إرادية لدى معظم الأطفال أثناء مرورهم بفترة المراهقة، ونادراً ما تحدث المتلازمة في سن البلوغ، وغالباً ما تكون التشنجات اللا إرادية غير ملحوظة من قِبَل مراقبي الحالة.


وفي معظم الحالات، لا يكون علاج الحركات اللا إرادية ضرورياً، ويعتبر التعليم جزءاً مهماً من أي خطة علاجية، وعادة ما يكون التفسير والطمأنة وحدهما كافيين للعلاج، كما يمضي كثير من الأفراد المصابين بمتلازمة توريت دون تشخيص أو لا يسعون لطلب الرعاية الطبية.

ومن بين أولئك الذين يُشاهدون في العيادات المتخصصة، يوجد اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، واضطراب الوسواس القهري بمعدلات أعلى، وغالبا ما تسبب التشخيصات المتزامنة للفرد ضعفاً أكبر من التشنجات اللا إرادية. ومن المهم تحديد الحالات المرتبطة بها بشكل صحيح ومعالجتها.

طبيبة نفسية: لا دواء.. «الطمأنة» قد تفيد

تؤكد الطبيبة النفسية فادية الجهني أن علاج «توريت» يتم عن طريق مساعدة الفرد على إدارة أكثر الأعراض إثارة للقلق، وتكون معظم حالات متلازمة توريت خفيفة، ولا تتطلب علاجًا دوائيًا، و يكون عبر العلاج النفسي، والتعريف بالمرض، أوالطمأنة.

وتضيف الجهني بعدم وجود دواء يعمل بشكل عام لجميع الأفراد دون آثار جانبية كبيرة، وتحتل المعرفة والتعليم وفهم المرض الصدارة في خطط علاج اضطرابات الأعراض، وقد تشمل إدارة أعراض توريت العلاجات الدوائية والسلوكية والنفسية.

وفي حين أنه يتم الاحتفاظ بالتدخل الدوائي للأعراض الأكثر حدة، فقد تساعد العلاجات الأخرى مثل العلاج النفسي الداعم أو العلاج السلوكي المعرفي على تجنب أو تخفيف الاكتئاب والعزلة الاجتماعية، وتحسين دعم الأسرة، كما يعد تثقيف المريض والأسرة والمجتمع المحيط إحدى استراتيجيات العلاج الأساسية، وقد يكون ذلك كل ما هو مطلوب في الحالات الخفيفة.

وتتابع الطبيبة النفسية فادية الجهني أن تقنيات الاسترخاء، مثل التمارين الرياضية أو اليوغا أو التأمل مفيدة في التخفيف من التوتر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض ولكن معظم التدخلات السلوكية مثل التدريب على الاسترخاء والارتجاع البيولوجي باستثناء عكس العادة لم يتم تقييمها بشكل منهجي وليست علاجات مدعومة تجريبيا، وتم استخدام التحفيز العميق للدماغ لعلاج البالغين المصابين بمتلازمة توريت التي لا تستجيب للعلاج التقليدي، ولكن يُنظر إليه على أنه إجراء جراحي تجريبي غير توغلي من غير المحتمل أن ينتشر على نطاق واسع.

متى يفصح المصابون عن تشنجاتهم اللا إرادية ؟

يرى الدكتور محمد الفاضلي أن معظم الأفراد الذين يعانون من «توريت» يدركون ذلك الإحساس مباشرة قبل بداية التشنج على غرار الحاجة إلى العطس أو الحكة، ويصف الأفراد الحاجة إلى التشنج بأنه توتر أو ضغط أو طاقة يختارون إطلاقها بوعي، كما لو أنهم «اضطروا للقيام بذلك» لتخفيف الإحساس أو حتى للشعور أنه «على حق فقط»، مثل الشعور بوجود شيء ما في حلق المرء، أو الشعور بعدم الراحة الموضعية في الكتفين، مما يؤدي إلى الحاجة إلى تنظيف الحلق أو هز الكتفين،

في حين أن الأفراد الذين يعانون من الأعراض اللا إرادية في بعض الأحيان يكونون قادرين على قمع التشنجات اللا إرادية لفترات زمنية محدودة، إلا أن القيام بذلك غالبا ما يؤدي إلى التوتر أو الإجهاد الذهني، وقد يبحث الأشخاص الذين يعانون من متلازمة توريت عن بقعة منعزلة للإفصاح عن أعراضهم، أو قد يكون هناك زيادة ملحوظة في التشنجات اللا إرادية بعد فترة من القمع في المدرسة أو في العمل.

قد لا يكون بعض الأشخاص الذين لديهم متلازمة توريت مدركين للحاجة الملحة، وقد يكون الأطفال أقل إدراكاً للحافز الأولي المرتبط بالأعراض اللا إرادية أكثر من البالغين، لكن وعيهم يزداد مع نضجهم، وقد يكون لديهم تشنجات لا إرادية لعدة سنوات قبل أن يصبحوا على دراية، وتختلف القدرة على قمع التشنجات اللا إرادية بين الأفراد، وقد تكون أكثر تطورا لدى البالغين من الأطفال.

وعلى الرغم من عدم وجود حالة «نموذجية» لمتلازمة توريت، فإن هذه الحالة تتبع دورة موثوقة إلى حد ما من حيث عمر البداية وتاريخ شدة الأعراض. وقد تظهر التشنجات اللا إرادية حتى سن الثامنة عشرة، ولكن العمر الأكثر شيوعاً للظهور هو من خمس إلى سبع سنوات.

وتكون معظم حالات متلازمة توريت لدى كبار السن بسيطة ولا يتم تمييزها تقريباً، وعندما تكون الأعراض شديدة بما فيه الكفاية مما يجعلها تتطلب الإحالة إلى العيادات، غالباً ما يرتبط اضطراب الوسواس القهري واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط بمتلازمة توريت.

وفي الأطفال الذين يعانون من الأعراض أو التشنجات اللا إرادية، يرتبط الوجود الإضافي لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بالخلل الوظيفي، والسلوك التخريبي، وشدة التشنج، وتوجد حالات تشبه التشنجات اللا إرادية في بعض الأفراد المصابين بالوسواس القهري.

اللجلجة و البذاءة وتطرف العين.. أعراض

يقول استشاري المخ والأعصاب محمد الفاضلي إن المسبب الرئيسي لمتلازمة توريت غير معروف حتى الآن، وتلعب العوامل الوراثية والبيئية دوراً بالإصابة، وأثبتت الدراسات الجينية أن الغالبية العظمى من حالات المتلازمة حالات جينية وراثية، على الرغم من أن المسبب المسؤول عن الإصابة الوراثية غير معروف، ولم يتم التعرف على الجين المسؤول بحدوث تلك المتلازمة لدى المصابين حتى الآن. كما تزيد فرصة تمرير الجين من الشخص المصاب بمتلازمة توريت إلى واحد من أطفاله بنسبة 50٪، ولكن توريت حالة ذات تعبير متغير وبالتالي، لن يُظهر كل من يرث الجين الوراثي الأعراض، حتى أفراد العائلة المقربين قد يُظهرون شدة مختلفة من الأعراض، أو قد لا تظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق.

ووفقا للدكتور الفاضلي فإن الدراسات تشير إلى أن هناك عوامل أخرى تؤثر على شدة أعراض الإصابة بمتلازمة توريت، مثل العوامل البيئية المحيطة أو النفسية أو الإصابة بالأمراض المعدية، بينما لا تسبب هذه العوامل بشكل مباشر الإصابة بالمرض.

وقد تؤثر أمراض المناعة الذاتية أيضا في شدة الإصابة في بعض الحالات، وقد تكون بعض أشكال الوسواس القهري مرتبطة جينياً بمتلازمة توريت. ويُعتقد أن هناك مجموعة فرعية من الوسواس القهري لها علاقة سببية بالمتلازم، وقد تكون تعبيراً مختلفاً عن نفس العوامل المهمة للتعبير عن التشنجات اللا إرادية، بينما لم يتم التعرف على العلاقة الوراثية بين اضطراب فرط الحركة مع نقص الانتباه ومتلازمة توريت بشكل كامل.

كما أن التشنجات اللا إرادية هي الحركات أو الأصوات التي تحدث بشكل متقطع وغير متوقع أثناء النشاط الحركي العادي، مما يكسبها شكل «سلوكيات طبيعية غير صحيحة»، وتتغير هذه الحركات المرتبطة بمتلازمة توريت في العدد والتواتر والشدة والموقع التشريحي، كما تحدث الزيادة المستمرة والنقصان في شدة وتواتر التشنجات اللا إرادية بشكل مختلف في كل فرد، وقد تحدث التشنجات اللا إرادية أيضاً في «نوبات»، والتي تختلف من شخص لآخر.

ومنها البذاءة وهي الاعراض الأكثر شهرة في «توريت»، لكنه ليس مطلوبا للتشخيص ويظهر فقط في حوالى 10٪ من المرضى، كما تحدث تصدية الألفاظ (تكرار كلمات الآخرين) واللجلجة في عدد قليل من الحالات، في حين أن أكثر الاعراض الأولية الحركية والصوتية شيوعا هي تطرف العين وتطهير الحلق على التوالي.